هل تساءلتم يومًا لماذا تختارون الطريق الآمن؟
وهم الوظيفة.. وسرّ الرهان الخفي
في كل حكاية، هناك أباوان، كل منهما يحمل رؤية مختلفة للحياة. الأب الأول، بفكره التقليدي، كان يردد دائمًا: "اذهب إلى المدرسة، احصل على أعلى الدرجات، وابحث عن وظيفة آمنة. وظيفة مضمونة تضمن لك الأمان." كان يؤمن بأن الأمان يكمن في البقاء داخل إطار ثابت، وأن الشهادة الجامعية هي مفتاح النجاح الوحيد.
أما الأب الثاني، الذي لم تكن الشهادات جزءًا من قصته، فقد كان يردد نصيحة مختلفة تمامًا. كان يقول: "اذهب إلى المدرسة، احصل على أعلى الدرجات، ولكن افتتح مشروعك الخاص." كان يؤمن أن الحرية المالية هي الطريق الحقيقي للنجاح، وأن الاعتماد على الذات هو السبيل الأمثل للعيش.
هذا الاختلاف في الرؤية ليس مجرد اختلاف بين شخصين، بل هو انعكاس لمعركة فكرية قديمة بين الأمان الوظيفي والحرية المالية. مجتمعنا تربى على فكرة أن الوظيفة هي قمة الطموح، وأن الراتب الثابت هو مرادف السعادة.
خيطٌ رفيع بين الأمان والدين
لماذا نتمسك بهذا الأمان الوظيفي؟ الإجابة ببساطة: لأنه ما تعلمناه. إنه السيناريو الذي كُتب لنا منذ الصغر، سواء في المنزل أو في المدرسة. هذا الإصرار على الأمان يجعلنا ننسى أننا نغرق في بحر من الديون.
هل فكرت يومًا في قروضك الدراسية؟ أو فواتير بطاقتك الائتمانية التي تلاحقك؟ هذه الديون ليست مجرد أرقام، بل هي قيود وأصفاد تجعلك تتشبث بوظيفتك، فقط لتسديدها.
أجيال بأكملها تعيش على هذا النمط، من المدرسة إلى الجامعة، ومنها إلى عالم الوظيفة، محملين بالديون، مقتنعين أن هذا هو الطريق الوحيد. هذا السيناريو، الذي نشأ في العصر الصناعي، أصبح عائقًا يمنعنا من تحقيق أحلامنا.
يا مجتمع "لاست نيشن"، هل آن الأوان لتكتبوا سيناريو جديدًا لأنفسكم؟ سيناريو لا يكون فيه الأمان هو الهدف، بل الحرية المالية هي الغاية.
وصفة الحياة: هل كتبتها أم فُرضت عليك؟
في مجتمعنا، تتكرر نفس القصة، أو ما نسميه "السيناريو المالي المكتوب". يذهب الأبناء إلى المدرسة، يتخرجون، يحصلون على وظيفة، ثم تبدأ دورة الحياة. راتب أول، شقة، سيارة، ثم فواتير لا تنتهي. يجدون شريك الحياة، ويتزوجون، ويعيشون على نفس الروتين، ويشترون منزل الأحلام بمدخراتهم وقرض ضخم. المنزل يحتاج أثاثًا، والأثاث يحتاج قرضًا آخر. وهكذا، يجد الزوجان نفسيهما غارقين في الديون، وكلما زادت مسؤولياتهما، زاد تمسكهما بالوظيفة. "لا أستطيع ترك العمل، لدي فواتير يجب تسديدها." هذه الجملة ليست مجرد كلمات، بل هي سلاسل تربطنا بوظائفنا، وتجعلنا نركض في حلقة مفرغة، تمامًا مثلما غنى الأقزام السبعة: "إنني مدين بالمال، إذن فإن عليّ أن أذهب إلى العمل."
فخ النجاح: متى يصبح النجاح سجنًا؟
هنا تكمن المفارقة. النجاح يمكن أن يكون فخًا. والدي الثري، كان كلما ازداد نجاحًا، زاد وقته وفراغه. كان يمتلك شركته الخاصة، وكلما نمت الشركة، كان يوظف المزيد من الأشخاص، ويترك النظام يعمل من أجله. كان لديه الوقت الكافي ليعلمني كيف يعمل المال، كيف أستثمر، وكيف أكون حرًا.
أما والدي المتعلم، فكان يعمل بجد أيضًا، لكن في وظيفة. كلما حصل على ترقية، زادت مسؤولياته، وتقلص وقته. كان يترك المنزل في الصباح الباكر، ويعود في ساعة متأخرة، فلا نراه إلا نادرًا. هذا هو فخ النجاح في الجانب التقليدي. أنت تعمل بجد، تكسب المزيد من المال، لكنك تفقد وقتك وحريتك.
فخ المال: عندما لا تعرف كيف تقرأ الأرقام
الذكاء المالي ليس كمية المال التي تجنيها، بل كمية المال التي تحتفظ بها، وكيف تجعل هذا المال يعمل من أجلك. والدي الثري كان يتقن هذه القاعدة. كان يدير شركته، ويخفض التكاليف، ويحافظ على الأرباح. كان يعرف أن المنزل ليس أصلًا، بل خصمًا، لأنه يستهلك المال. كان يعرف كيف يقرأ الأرقام، وكيف يدير الأشخاص، وهذه المهارات منحته الحرية والوقت.
أما والدي المتعلم، فقد كان يظن أنه يدير المال، لكنه في الحقيقة كان ينفق مال دافعي الضرائب. وكلما زادت ميزانيته، زاد إنفاقه، وزادت مشاكله. كان يثق في نصيحة البنك ومحاسبه، اللذين نصحاه بشراء منزل أكبر للحصول على إعفاءات ضريبية. وهكذا، كلما زاد دخله، زادت ضرائبه وديونه. وكلما زاد نجاحه، زاد عمله، وقل وقته مع أحبائه.
وفي النهاية، أصبح مرتبطًا بوظيفته عاطفيًا، وأصبح يشجع أبناءه على السير في نفس الطريق الذي جعله يشعر بعدم الأمان. أيها الأصدقاء، هل آن الأوان لنكتشف أين يكمن الذكاء المالي الحقيقي؟
كابوس الأمان: عندما يصبح النجاح فخًا
هل تعلمون أن هناك فخًا ماليًا يقع فيه الكثيرون من الناجحين؟ هذا الفخ يزداد عمقًا كلما زاد دخلهم، فكل زيادة في الراتب تقابلها زيادة في نفقاتهم. والدي لم يدرك ذلك، فقد كان يرى أن النجاح يكمن في العمل الجاد، دون أن يعي أن هناك وحشين ينهشان في دخله: الضرائب وفوائد الديون.
والأدهى من ذلك أن الحكومات تشجعك على الغرق في الديون بتقديم إعفاءات ضريبية عليها، مما يجعلك تزيد من استدانتك، وتتشبث بوظيفتك أكثر. هذا الفخ هو ما جعل والدي يموت دون أن يترك لنا ثروة تذكر، بل ترك لنا ديونًا وضرائب استولت عليها الحكومة.
تذكروا ما قاله والدي الثري: "الذكاء المالي لا يقاس بالمال الذي تجنيه، بل بالمال الذي تحتفظ به، وكيف تجعل هذا المال يعمل من أجلك، وكم من الأجيال ستحتفظ به."
الركض خلف الوهم: البحث عن الحرية في المكان الخطأ
كلنا نبحث عن الحرية والسعادة، لكن المشكلة أننا نبحث عنها في المكان الخطأ. معظمنا لم يتعلم كيف يكون رائد أعمال أو مستثمرًا، وهذا النقص في التدريب يجعلنا نركض خلف الأمان الوظيفي، معتقدين أن هذا هو الطريق الوحيد.
نحن نبحث عن الحرية المالية في وظيفة، لكن للأسف، نادرًا ما تجد الحرية المالية في عملك كموظف أو حتى صاحب عمل حر. الحرية الحقيقية تكمن في الجانب الآخر من المعادلة المالية، حيث يكون المال هو من يعمل لأجلك، وليس العكس.
رحلة لا تنتهي: عندما تصبح مطاردًا لوظيفة الأحلام
العديد من الأشخاص يقضون حياتهم وهم ينتقلون من وظيفة لأخرى، بحثًا عن الأمان أو الحرية. أعرف صديقًا كان يفعل ذلك. كل بضع سنوات، كان يعود ليخبرني أنه وجد "وظيفة الأحلام"، الشركة المثالية، الراتب المثالي، والرئيس الرائع. كان يشعر بالحماس في البداية، لكن بعد سنوات قليلة، كان يعود ليشتكي من أن الشركة أصبحت فاسدة، وأن رئيسه سيء، وأنهم لم يقدروا عمله.
يجد نفسه في رحلة لا تنتهي، يطارد وهمًا. في كل مرة، يكتشف أن المشكلة ليست في الشركة، بل في النموذج الذي يتبعه.
هل حان الوقت للتوقف عن مطاردة الوهم، والبدء في بناء حريتكم المالية بأنفسكم؟
وهم السيطرة: عندما تظن أنك حر
في زمننا هذا، أصبح كثير من الناس يتركون وظائفهم لـ "يصبحوا رؤساء أنفسهم". يفتحون مشاريعهم الخاصة، ويبدأون ما يسمى بـ "مشاريع المنازل". تبدو الفكرة مغرية: أن تفعل ما تشاء، أن تتحرر من قيود المدير، وتسيطر على مصيرك.
لكن ما لا يدركه الكثيرون أن هذا الطريق، وإن كان مربحًا، فهو أيضًا الأكثر خطورة وإرهاقًا. أنت هنا لست موظفًا فقط، بل أنت "كبير الطهاة وغاسل الأطباق" في نفس الوقت. أنت المسؤول عن كل شيء: الإدارة، المبيعات، التسويق، خدمة العملاء، وحتى دفع الفواتير. تتحمل مسؤوليات متعددة لا يمكن لموظف واحد في شركة كبيرة أن ينجزها. هذا العمل الشاق هو ما يجعلك تعمل أكثر من أي شخص آخر.
نفق الأحلام المظلم
بصراحة، عندما أسمع أحدهم يخبرني أنه سيفتح مشروعه الخاص، أشعر بالقلق. لقد رأيت هذا السيناريو يتكرر كثيرًا: يترك الموظفون وظائفهم، ويستنفدون مدخراتهم، ويستدينون من الأهل والأصدقاء لبدء مشروع جديد. لكن بعد سنوات قليلة من الكفاح، ينهار المشروع، ويجدون أنفسهم غارقين في الديون.
الأرقام لا تكذب. تسعة من كل عشرة مشاريع تفشل في أول خمس سنوات. وإذا نجت، فإن تسعة من كل عشرة منها تفشل في الخمس سنوات التالية. هذا يعني أن 99% من المشاريع الصغيرة تختفي في غضون عشر سنوات.
لماذا يحدث هذا؟ في البداية، يكون السبب هو نقص الخبرة ورأس المال. لكن بعد ذلك، يصبح السبب هو الإرهاق. ساعات العمل الطويلة تدمرك، وتجعلك تشعر بالإنهاك التام. وهذا ما يفسر قصر متوسط أعمار الأطباء والمحامين، الذين يعيشون حياة مزدحمة بالعمل الشاق.
سجن النجاح: هل حقًا أصبحت حرًا؟
أعرف صديقين يملكان بقالة صغيرة. لقد عملا فيها لأكثر من 45 عامًا، حتى أصبحا حبيسيها. أصبحا يبيعان من خلف قضبان حديدية، مثل البنوك. في كل مرة أزورهما، أشعر بالحزن. إنهما حبيسا مشروعهما، يعملان لساعات طويلة، لا يغادران محلهما. لقد اعتقدا أنهما أحرار، لكنهما أصبحا سجيني نجاحهما.
بعض أصحاب المشاريع يدركون ذلك، فيبيعون مشاريعهم قبل أن يفقدوا حماسهم، ثم يبدؤون مشروعًا جديدًا. هؤلاء هم من يعرفون متى يجب عليهم التوقف والرحيل.
هل أنتم مستعدون للتوقف عن العمل كأسرى لنجاحكم، والبدء في بناء نظام يعمل لأجلكم؟
وهم الوظيفة: أسوأ نصيحة لأطفالك
إذا كنت قد وُلدت قبل الثلاثينيات، فإن نصيحة "اذهب إلى المدرسة، احصل على درجات جيدة، وابحث عن وظيفة آمنة" كانت نصيحة ذهبية. لكن إذا وُلدت بعد عام 1930، فإنها لم تعد كذلك. لماذا؟ الإجابة ببساطة: الضرائب والديون.
فالموظف في يومنا هذا هو شريك للحكومة في دخله. قد يصل نصيب الحكومة إلى 50% أو أكثر من راتبك، قبل حتى أن تراه. وعندما تعلم أن الحكومة تشجعك على الديون بتقديم إعفاءات ضريبية، تدرك أن الطريق إلى الحرية المالية من خلال الوظيفة أصبح صعبًا ومحفوفًا بالمخاطر.
الخروج من الفخ: كيف تصبح حرًا؟
السبب الرئيسي لعدم شعورنا بالحرية المالية هو الضرائب والديون. الطريقة الوحيدة للخروج من هذا الفخ هي الانتقال إلى الجانب الآخر من "مربع التدفق النقدي"، حيث يمكنك كسب المال من خلال المشاريع والاستثمار. في هذا الجانب، يمكنك أن تصبح ثريًا بسرعة، لأنك تستطيع تجنب دفع الضرائب بشكل قانوني.
لذلك، يجب أن تتخلى عن فكرة "الأمان الوظيفي" وتبدأ في التفكير في "الحرية المالية". هناك فرق كبير بينهما. والدي المتعلم كان يؤمن أن الأمان الوظيفي هو الأمان المالي، حتى خسر وظيفته ولم يجد أخرى. أما والدي الثري، فلم يكن يتحدث عن الأمان الوظيفي أبدًا، بل كان يتحدث عن الحرية المالية.
الوقوف على قدمين: سر الأمان الحقيقي
الأمان الوظيفي وحده غير كافٍ. قد تكون بارعًا في عملك، لكنك تظل تقف على قدم واحدة، مما يجعلك عرضة لتقلبات سوق العمل. الأمان الحقيقي يأتي من الوقوف على قدمين. كيف؟ من خلال تعلم كيفية العمل كموظف، وكيفية الاستثمار وإنشاء مشروع خاص في نفس الوقت.
إذا كانت معرفتك تقتصر على وظيفتك فقط، فأنت مثل شخص يقف على قدم واحدة. لكن إذا تعلمت كيف تستثمر وتدير مشروعًا، ستكون مثل من يقف على قدمين، مما يمنحك شعورًا بالأمان، حتى لو لم يكن لديك الكثير من المال. المعرفة تمنحك القوة.
لذلك، بالإضافة إلى تعليمك المهني، يجب أن تتعلم أيضًا كيف تصبح مستثمرًا محترفًا. هذه المعرفة المزدوجة هي ما يمنحك الحرية المالية، ويحررك من قيود العمل إلى الأبد.

💬 رأيك يهمنا.
وش أكثر فكرة لمستك؟
اكتب تعليقك، يمكن تكون شرارة لتغيير جديد.👇