كيف تصل للثراء؟


كيف تصل للثراء؟

عندما كان يُطرح علىّ روبرت سؤال : "كيف تعلمت الطريقة التى تمكنك من تحقيق الثراء ؟ "

كان يجيب : " من لعبة " بنك الحظ " التى كنت ألعبها وأنا صغير "

يظن بعض الناس انه يمزح بينما يعتقد البعض انه يلقي نكتة ؛ ولكن لم يكن يقصد أى مزاح بما ذكره ، ففكرة تحقيق الثراء الموجودة فى لعبة " بنك الحظ " بسيطة وفعالة فى الحياة كما فى اللعبة.

من السهل تقليد ما يفعله الأثرياء ، فأحد الأسباب التى تجعل العديد من الأثرياء لا يحسنون صنعاً فى المدرسة هو أن الجزء المتعلق " بما يفعله " الأثرياء ليس صعباً ، ولست مضطراً للذهاب إلى المدرسة حتى تصبح ثرياً ، فالجزء الخاص " بالقيام " بما يفعله الأغنياء ليس بالتأكيد علم دراسة الصواريخ .

يذكر روبرت ان في منتصف السبعينيات على لسانه:

منذ سنوات مضت كنت أحضر إحدى الندوات حول تحديد الأهداف .

ولم أصدق نفسى حقاً عندما كنت أدفع ١٥٠ دولاراً مضيعاً أيام السبت والآحاد الجميلة فى تعلم كيفية تحديد الأهداف .

لقد كنت أفضل أن أذهب للتزلج على الماء بدلاً من جلوسى هكذا ، ولكن هأنذا أدفع المال لأحدهم لتعليمى كيفية تحديد الأهداف ، وكدت أتراجع عن الحضور عدة مرات ، ولكن ما تعلمته فى هذه الندوات ساعدنى على تحقيق أهدافى فى الحياة .

لقد كتبت المحاضيرة على السبورة هذه الكلمات الثلاث :

كن - افعل - امتلك

وبعدها أشارت هذه المُحاضِرة قائلة :

" إن الأهداف تتعلق بالجزء الخاص بالامتلاك "

وهى أهداف مثل الحصول على جسم مثالى أو إقامة علاقة مثالية ، أو امتلاك ملايين الدولارات ، أو التمتع بصحة جيدة ، أو التمتع بالشهرة ، وما إن يعرف الأشخاص ما مرغبون فى امتلاكه أو الحصول عليه ، أى أهدافهم ، حتى يبدأوا فى وضع قوائم بما يجب أن يفعلوه

  " لهذا يوجد لدى غالبية الأشخاص قوائم " مهام "

حيث يحددون أهدافهم ومن ثم يبدأون فى " تنفيذ " تلك المهام .

وقد استخدمت المحاضرة مثال الجسم المثالى حيث إن ما يفعله الأفراد عندما يرغبون فى الحصول على جسم مثالى هو اتباع نظام غذائى وبعدها الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية ، ويستمر ذلك عدة أسابيع ثم يعود غالبيتهم لأسلوبهم القديم فى تناول الطعام ، أى البطاطس المقلية والبيتزا ، وبدلا من الذهاب إلى صالة الألعاب فإنهم يجلسون لمشاهدة مباريات البيسبول فى التلفاز . وهذا مثال على " القيام بأمر ما " بدلاً من تغيير نفسك " .

كن واعياً بان ليس المهم هو النظام الغذائى ؛ ولكن الشخص الذى يجب أن تكونه لاتباع النظام الغذائى، وكل عام يبحث ملايين الأفراد عن النظام الغذائى المثالى الذى يتبعونه حتى يققدوا وزنهم ويصبحوا نحفاء . إنهم يركزون على ما ينبغى عليهم فعله بدلاً من تغيير أنفسهم ، إن النظام الغذائى لن يفيدك ما لم تغير أسلوب تفكيرك " .

ولقد استخدمت المحاضرة مثال الجولف أيضا حيث ذكرت :

" إن العديد من الأشخاص يشترون مجموعة جديدة من أدوات الجولف أملا فى تحسين مستوى لعبهم "

وبدلاً من بدء المباراة وهم يتحلون بأسلوب وطريقة تفكير ومعتقدات لاعب الجولف المحترف ، فإنهم يركزون على الأدوات ؛ ولكن لاعب الجولف السيئ الذى لديه أدوات جولف جديدة يظل رغم ذلك لاعب جولف سيئًا أيضاً " .

ثم انتقلت بعد ذلك لمناقشة الاستثمارات :

" إن العديد من الأشخاص يظنون أن شراء الأسهم أو الاشتراك فى صناديق الاستثمار التعاونية سوف يجعلهم أثرياء ؛ ولكن بمنتهى البساطة شراء الأسهم أو الاشتراك فى صناديق الاستثمار أو العقارات أو السندات لن يضمن لك النجاح المالى ، فالشخص الذى يمتلك عقلية شخص فاشل سوف يظل فاشلا مهما اشترى من أسهم أو سندات أو عقارات. "

ثم تناولت بعد ذلك مثال العثور على الشريك المثالى ، فقد يذهب كثيرون إلى المطاعم أو إلى العمل أو إلى النوادى بحثاً عن الشخص المثالى المناسب لهم ، فتى الأحلام أو فتاة الأحلام . هذا هو ما " يفعلونه " وذلك بالذهاب والبحث عن " الشخص المناسب

" بدلاً من محاولة تحسين أنفسهم حتى يصبحوا هم ذلك " الشخص المناسب

وأحد الأمثلة التى ذكرتها عن العلاقات : " فى الزواج يحاول الكثيرون تغيير الشخص الآخر حتى يمكنهم تحسين وضع زواجهم بدلاً من محاولتهم تغيير أنفسهم مما يؤدى إلى وقوع المشاحنات ، لهذا من الأفضل أن تغير من نفسك أولاً. ، لا تحاول تغيير الطرف الآخر بل غيّر أفكارك أنت عن الشخص الآخر

وبينما كانت تتحدث عن العلاقات كنت أفكر فى الكثير من الأشخاص الذون قابلتهم فى حياتى ، وكانوا يريدون " تغيير العالم " ولكن لم يحققوا أيا من هذا .

فلقد كانوا يريدون تغيير جميع من حولهم إلا أنفسهم..

وعندما أشارت المحاضرة إلى مثال المال ذكرت :

" وعندما يتعلق الأمر بالمال يحاول كثيرون تقليد الأثرياء " فيما يفعلون " وفيما " يملكون " لذلك يحاولون شراء منزل يبدو عليه الثراء وسيارة تنم عن الثراء ، ويلحقون أبناءهم بالمدارس التى يذهب إليها أبناء الأثرياء ، وكل ما يسفر عنه ذلك هو أن هؤلاء الأشخاص يضطرون إلى ممارسة أعمال شاقة - ليفعلوا " كما يفعل الأثرياء ، وهم يغرقون فى الكثير من الديون مما يؤدى فى النهاية إلى قيامهم بالمزيد من الأعمال المضنية وهو ما لا يفعله الأثرياء .

كنت أهز رأسى موافقاً على حديثها بينما جلست فى آخر الغرفة ، إن والدى الثرى لم يستخدم نفس هذه المفردات لشرح الأمر ولكنه كان عادة ما يقول لى " يظن الناس أن العمل المضنى وشراء الأشياء التى تجعلهم يبدون مثل الأثرياء سوف يجعلهم أثرياء ، ولكن فى أغلب الأحيان لا يجعلهم ذلك أثرياء بل أكثر فقراً .

الأمان هو الموضوع الأساسي الذي يشغل الموظف:

بصفه عامة يميل أفراد الخانة " E " إلى البحث عن الأمان عندما يتعلق الأمر بالمال ، وعادة ما يقدرون الأمان أكثر من المال . إنهم قد يجازفون فى نواح أخرى من حياتهم مثل الرياضة ؛ ولكن لا يفعلون ذلك عندما يتعلق الأمر بأموالهم

الكمال هو ما يشغل الذين يعملون في مجال العمل الحر:

مرة اخرى إننى أتحدث بصفة عامة ... ولكن ما لاحظته بين الأفراد الذين ينتمون حالياً إلى الخانة " S " ، والذين يحاولون الانتقال إلى الجانب الأيمن من مربع التدفق المالى هو سيطرة أسلوب " افعل بنفسك - على عقولهم ، فهم يفضلون أن يفعلوا الأشياء بأنفسهم ؛ لأنهم فى حاجة ملحة لضمان حسن أداء العمل ؛ ولأنهم يجدون صعوبة فى العثور على من يقوم بالعمل على أكمل وجه فإنهم يقومون به بأنفسهم .

وبالنسبة لكثير من أفراد هذه الفئة فإن النقطة الأساسية هى فرض " السيطرة " ، فهم يكرهون ارتكاب الأخطاء ، والأكثر من ذلك أنهم يمقتون أن يقوم الآخرون بارتكاب الأخطاء والإساءة إلى صورتهم وهو ما يجعلهم متميزين فى فئتهم ، ويجعلك توظفهم لأداء مهام معينة من أجلك ، فأنت تريد من طبيب أسنانك أن يكون مثاليًا فى أدائه ، وكذلك الحال بالنسبة لمحاميك ، وجراح المخ والأعصاب ، ومهندسك فلهذا تدفع لهم الأموال ، وهذا هو سر قوتهم وسر ضعفهم فى آن واحد

الذكاء العاطفي جزء منك:

إن الإنسانية جزء من طبيعة تكويننا كبشر وكوننا بشراً يعنى امتلاكنا للعواطف .

وجميعنا نمتلك تلك العواطف ، فجميعنا نشعر بالخوف والحزن والغضب والحب والكره والإحباط وغيرها من المشاعر .

وعندما يتعلق الأمر بالمال والمخاطرة به فإننا نتعرض لمشاعر الخوف . حتى الأثرياء منا . ولكن الفرق هو أسلوب تعاملنا مع مشاعر الخوف تلك ، فبالنسبة للعديد من الأفراد تدفعهم مشاعر الخوف إلى " التزام جانب الأمان وعدم المخاطرة " .

أما بالنسبة للآخرين خاصة على الجانب الأيمن من المربع يجعلهم الخوف من إضاعة المال يفكرون بأسلوب " التحلى بالذكاء وإدارة المخاطرة " .

إنها نفس المشاعر ولكن توجد فى الوقت نفسه أفكار مختلفة وأشخاص مختلفون وأفعال مختلفة وممتلكات مختلفة .

تكمن المشكلة فى الأفكار العاطفية العميقة فى أنها تبدو منطقية لمن ينتمى اليها الموظف ، فعندما تظهر مشاعر الخوف على السطح فإن الفكرة المنطقية التي تسيطر عليه هى " الالتزام بجانب الحذر وعدم المخاطرة " ، أما بالنسبة لمن ينتمون إلى الفئة " i " المستثمر فهذه الفكرة غير منطقية .

وبالنسبة لأفراد الفئة " S " أصحاب المشروع عندما يرتبط الأمر بالوثوق فى الآخرين للقيام بعمل ما ، فإن الفكرة المنطقية التى تسيطر عليهم هى : " سوف أقوم بالعمل

لهذا السبب تكون المشروعات من نوع الفئة " S " أى صاحب المشروع ، مشروعات عائلية ، حيث يكون هناك شعور قوى بالثقة ، فبالنسبة لهم تعد رابطة الدم أقوى الروابط .

لذلك هناك فئات مختلفة ومنطق مختلف وأفكار مختلفة وأفعال مختلفة وممتلكات مشاعر مختلفة ؛ لهذا تجعلنا المشاعر بشرا ، وإدراكنا لحقيقة وجود تلك المشاعر شكل جزءاً كبيراً من تكويننا كبشر .

والذى يحدد طريقة تصرفنا هو أسلوب استجابتنا لتلك المشاعر

متى ستكون راشدا؟

عند الانتقال من الجانب الأيسر من المربع إلى الجانب الأيمن نحتاج لأن نكون بالغين ، نحتاج جميعا إلى النضج مالياً ، وبدلاً من أن نلعب دور الأب أو الطفل فإننا نحتاج إلى النظر إلى المال والعمل والاستثمار كبالغين ، مما يعنى معرفة ما يجب عليك فعله والقيام به حقا ، حتى إن كنت لا ترغب فى ذلك

الخاسرون يوقفون فوزهم ويتمسكون بالخسارة:

إن الخوف من الفشل يؤثر على تصرفات الأفراد بشكل غريب ، لقد شاهدت أشخاصاً يشترون أسهماً ب ٢٠ دولاراً ، ويبيعون حصتهم عندما يصل سعر السهم إلى ٣٠ دولاراً ؛ لأنهم خائفون من خسارة ما ربحوه ، ولكن فيما بعد ارتفع السعر إلى ١٠٠ دولار ثم هبط وارتفع إلى ١٠٠ دولار مرة أخرى .

ونفس هذا الشخص قد يرى قيمة السهم تنخفض إلى ٣ دولارات ، ومع ذلك يتمسك به أملاً فى ارتفاع قيمته من جديد . وقد يتمسك بهذا السهم الذى تصل قيمته إلى ٣ دولارات طوال ٢٠ عاماً ، وهذا مثال على شخص خائف من الخسارة لدرجة تمنعه من الاعتراف بخسارته ، مما يجعله يخسر فى نهاية المطاف .

الفائزون يوقفون الخسارة ويتمسكون بفوزهم:

إن الفائزين " يفعلون " أشياء على النقيض من هذا ، فعادة عندما يعرفون أنهم قد صبحوا فى موقف الخاسر ، بمعنى أن سعر أسهمهم قد انخفض بدلا من الارتفاع ، يقومون ببيع أسهمهم على الفور للحد من خسارتهم ، ولا يخجل معظمهم من الاعتراف بأنهم قد تكبدوا خسارة لأنهم يعرفون أن الخسارة جزء من الفوز.

الخاسرون يفعلون نفس الأشياء فى الحياة:

إن الأشخاص الذين يخشون الخسارة يفعلون الشيء ذاته فى الحياة ، فجميعن

يعرف أشخاصاً :

  • ظلوا متزوجين حتى بعد انتهاء مشاعر الحب .
  • يواصلون العمل فى وظائف ليس لها طموح وظيفى .
  • يتمسكون بملابس و " أغراض " قديمة لن يستعملوها أبدًا .
  • يمكثون فى مدن لا مستقبل لهم فيها .
  • يواصلون صداقتهم بأفراد يقيدون تحركهم إلى الأمام .

الذكاء العاطفى يمكن السيطرة عليه:

إن الذكاء المالى يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالذكاء العاطفى ، وأعتقد أن غالبية الأفراد يعانونِ مالياً ؛ لأن عواطفهم تغلب على عقلهم ؛ ولأننا من البشر تنتابنا هذه المشاعر جميعاً ، وما يحدد اختلاف " أفعالنا " و " ممتلكاتنا " فى الحياة هو أسلوب تعاملنا مع تلك العواطف .

على سبيل المثال مشاعر الخوف قد تجعل البعض منا جبناء ، والبعض الآخر شجعاناً ، ولكن لسوء الحظ عندما يتعلق الأمر بالمال فإنه يقدر لغالبية أفراد المجتمع أن يكونوا جبناء . وعندما يطل موضوع خسارة المال برأسه ، تبدأ عقول غالبية الأشخاص فى ترديد الكلمات الآتية .:

  • " الأمان " أفضل من " الحرية "..
  • " تجنب الخسارة " بدلاً من تعلم " كيفية إدارتها " .
  • " توخ الحذر ولا تتحاذق " .
  • " لا أستطيع تحمل تكلفتها " بدلاً من " كيف أتحمل تكلفتها ؟ "
  • " غالية الثمن " بدلاً من " ما قيمتها على المدى البعيد ؟ " .
  • " التنويع " بدلاً من " التركيز " .

وفي الختام هذا كله تمت اعادة صياغته من كتاب روبرت كيوساكي للنموذج الرباعي من التدفقات النقدية.

تعليقات