الجزء الثامن : تجربة فائقة الحدود


                             تجربة فائقة الحدود

                                بناء قبيلة من المعجّبين المهووسين

القبيلة هي عددٌ من الناس المرتبطين ما بينهم، والمرتبطين بقائد وفكرة. ولألاف السنين، كان البشر ضمن قبيلة أو أخرى. وأحد الأشياء التي تفصلُ المشاريع المتميِّزة عن المشاريع العاديَّة هو أنَّهم يقودون قبيلة من المعجبين المهووسين- وليس مجرَّد زبائن. في عملك، عضو القبيلة هو نوع خاصٌّ من الزبائن؛ فهو واحد يلعبُ دورَ المشجَّع، ويتآمر بصورةٍ فعَّالة لنجاحك. ويعمل أعضاء قبيلتك على تضخيم رسائلك التسويقيَّة، ويأخذونها إلى أعلى مستوى لا يمكنك الوصول إليه بالإعلان المدفوع. وهنا بعضُ خصائص الأعمال المميِّزة جدًّا والتي أصبحت تقود قبيلتها:

  • هم يركِّزون دائمًا على إدهاش زبائنهم، وبذلك يحوِّلهم إلى معجبين مهووسين.
  • هم يُقيمون علاقةً طويلةَ الأمد، ويحافظون عليها.
  • يُسهَّلون التعامل معهم، ويجعلونَه تعامُلًا مُسلِّيًّا.
  • يولّدون شعورًا بهالة العرض المسرحيِّ حول مُنتَجاتهم وخدماتهم.
  •  لديهم أنظمة تمكِّنُهم من أن يقدِّموا خدمةً عالميَّةٌ بصورة ثابتة، ويُعتمَد عليها.


هؤلاء الناس هم قبيلتك، ومن المهم جدًّا وجود استراتيجيَّات لبناء هذا النوع من المتابعين ورعايته


تتوقَّفُ معظمُ الأعمال العاديَّة عن أنشطتها التسويقيَّة بمجرَّد تحويل الزبون المحتمل إلى زبون (بمعنى آخر، بعد أن يشتري منهم الزبون المُحتمل).

وهذا النوع من التفكير المحصور بالصفقات يُبقيهم عالقين، ويضعُ سقفًا مُحكَمًا لنموَّ أعمالهم. في المقابل، تحصلُ الأعمال المميِّزة حقًّا على نتائج متزايدة؛ لأنَّ كلَّ زبون يُضيفونه هو ليس فقط ربح، بل هو ربحٌ متكرَّرٌ ومتكرِّر، حيث يصبح هذا الشخص أشبَه بالداعي المهووس إلى هذه الشركة.

والمثير أكثر بعدُ، هو أنَّ إطلاق المنتجات الجديدة يُصيرُ أسهل ويُمكن التنبُّؤ به.

فلا داعي لأنْ تسوَّق وتتعب وتُقنع بالدرجة نفسها إذا كانت لديك قبيلة من المُعجبين المهووسين. انظُر إلى أيل، وهي إحدى الشركات الرائدة في هذا النوع التسويقيّ.

يستطيعون إطلاق مُنتَج جديد تمامًا أو حتَّى فئة جديدة من المنتج، وسيكون لديهم فيلق من الزبائن المُعجبين مُصطفِّين في طوابير على مدى أيَّام، ويرجون الشركة لتأخذَ أموالهم وهذا ليس حكرًا فقط على الشركات الكبيرة مثل أبل .


‏بيعهم ما يريدون لكن أعطهم ما يحتاجون إليه


في المقاله الثانيه، تحدَّثنا بشأن المكوِّنات الأساسيَّة لصياغة عرض جيِّد. وكما ناقشنا في ذلك المقال، فالخطوة الأولى لصياغة عرض جيّد هي اكتشاف ما تُريده سوقك تحديدًا.

الآن، أريدُ أن أتعمَّق أكثر. في ما يتعلَّق بتوصيل مُنتَجك أو خدمتك، نريد أن نُعطي زبائننا ليس فقط ما يُريدونه، بل ما يحتاجون إليه أيضًا. 

هناك عادةً فرقٌ كبيرُ بين ما يريده الناس وما يحتاجون إليه.

فلأضرِبْ لك مثلًا فلنَقُلْ إنَّك مُدرِّب لياقة بدنيَّة. أنت تُحسَّن حياة الناس بمساعدتهم على التمتُّع بصحَة أفضل ولياقة وتغذية صحِّيَّة. مفهوم الصحَّة الأفضل غامض جدًّا؛ فهو بعيد وطويل المدى لمُعظم الناس. لذلك بدلَ هذا، عليك التركيز على الغرور والأداء أو شيءٍ آخر مُحدَّد يُريده الزبون المحتمل. مثلًا، عضلات معدةٍ بارزة، وجسم متناسق، وقوامٌ رائع.

عليك أن تعطيَهم ما يحتاجون إليه من تحسين لصحَّتهم، لكنْ أعطهم إيَّاه بواسطة ما يُريدون (تحسين في المظهر والأداء)، وهذا ما عليك بيعه لهم. عليك فَهْمُ ما يُريدون وفهم حاجاتهم. فأحيانًا تتداخَلُ، وفي أحيانٍ أخرى تكون منفصلة تمامًا.


المنتجات تصنع لك المال، والأنظمة تصنع لك الثروة 

أحد الأمور الأساسيَّة التي كثيرًا ما ركِّز عليها الن ديب في كلِّ أعماله هو بناء نظام. بعد أن اتمم قراءةً كتاب "مراجعة الأسطورة الإلكترونيَّة» (The E-Myth Revisited) لمؤلّفه مايكل جيربر (Michael Gerber) تعلق به. فقد أثار اهتمامَ الجزء الخاصِّ بالأعمال في عقله , إنَّ أكثر أنظمة الأعمال قيمةً هي تلك التي يمكن نسخُها.

تسمحُ الأنظمة للبشر العاديّين بإدارة الأعمال المتميِّزة.

وعندما يصبح لديك مشروعُ أعمالٍ قابلٌ للنّسخ، فسيأتي الناس لإعطائك الكثير من المال مقابله. وسيأتي المال بطرق عدَّة، ولكنَّ أكثرها شيوعًا:


  • زبائن يريدون التعامل معك لأنَّك تُقدَّم نتائج ثابتة.
  • جهات تُريد شراء الرخصة لنظامك .
  •  أناس يريدون أن يُشاركوك بشراء وكالة لنظامك.
  • مستثمر أو منافس يريد شراء المشروع منك.


هناك أربعة أنواع من أنظمة الأعمال التي تريد صناعتها، بغضِّ النظر عن نوع المشروع الذي تعمل فيه. وعلى الأغلب ستجد الثروة، إذا ما استطعت صناعة نظام قابل للنسخ والتوسُّع ضمن هذه المناطق الأربع في مشروعك :


نظام التسويق: يُنتج تدفُّقًا ثابتًا من الزبائن المستدرجين إلى عملك.

نظام البيع: تنمية الزبائن المُستدرجين، وتقديم المتابعة والتحويل.

نظام التنفيذ: الشيء الفعليُّ الذي تقوم به مقابل مال الزبائن.

نظام الإدارة: الحسابات والاستقبال والموارد البشريَّة وهكذا، أي الدعم لكلَّ الوظائف الأخرى للمنشأة.

بغضّ النظر عن نوع العمل الذي تديره، فهذه الوظائف الأربع مرتبطةٌ بجميع الأعمال تقريبًا.


قوَّة الأنظمة-القدرة على طرد نفسك

فلأطرح عليك سؤالًا. إذا سافرتَ وتركتَ مشروعَك مدَّة ستَّة أشهر خلفك. كيف ستكون حال المشروع عندما تعود؟ أهي حال أفضل أم أسوأ مقارنة بالحال قبل سفرك؟ هل سيكون لديك أصلًا مشروع لتعودَ إليه؟ إذا أجبتَ بالنفي عن أحد الأسئلة، فعلى الأرجع، ليس لديك مشروع- بل أنت المشروع. الكثير من الأعمال الصغيرة، تقعُ في خطأ عدم التفكير في نظام، للأسباب التي ذكرتها في الأعلى. في النهاية، يؤدِّي مؤسّس المشروع (أو مؤسّسوه) كلَّ الأعمال المطلوبة. لسوء الحظّ، يحكمُ غطُ التفكير هذا عليهم بالبقاء صغارًا، وبالبقاء مثل سجناء في مشروعهم

والطريقة الوحيدة للخروج هي بتخصيص الوقت لإنشاء أنظمة العمل وتوثيقها. ولحسن الحظّ، ليست هذه العمليَّة الشاقَّة بالصعوبة نفسها إذا ما قسَّمناها.

هدفنا هو إزالة عنق الزجاجة الكبير من عملك- وهو أنت

تعليقات